سورة الحشر - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحشر)


        


{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)}
{هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ} يعني بني النضير {لأَوَّلِ الحشر} في معناه أربعة أقوال: أحدها أنه حشر القيامة أي خروجهم من حصونهم أول الحشر والقيام من القبور آخره. وروي في هذا المعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: امضوا هذا أول الحشر، وأنا على الأثر. الثاني: أن المعنى لأول موضع الحشر هو الشام، وذلك أن أكثر بني النضير خرجوا إلى الشام، وقد جاء في الأثر أن حشر القيامة إلى أرض الشام، وروي في هذا المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني النضير: اخرجوا. قالوا: إلى أين؟ قال: إلى أرض المحشر الثالث أن المراد الحشر في الدنيا الذي هو الجلاء والإخراج، فأخرجهم من حصونهم أول الحشر، وإخراج أهل خيبر آخره، الرابع أن معناه إخراجهم من ديارهم لأول ما حشر لقتالهم؛ لأنه أول قتال قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزمخشري: اللام في قوله لأول بمعنى عند كقولك جئت لوقت كذا {مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ} يعني لكثرة عدتهم ومنعة حصونهم {فَأَتَاهُمُ الله} عبارة عن أخذ الله لهم {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المؤمنين} أما إخراب المؤمنين فهو هدم أسوار الحصون ليدخلوها، وأسند ذلك إلى الكفار في قوله: {يُخْرِبُونَ} لأنه كان بسبب كفرهم وغدرهم، وأما إخراب الكفار لبيوتهم فلثلاثة مقاصد: أحدها حاجتهم إلى الخشب والحجارة ليسدوا بها أفواه الأزقة ويحصنوا ما خرَّبه المسلمون من الأسوار، والثاني ليحملوا معهم ما أعجبهم من الخشب والسواري وغير ذلك. الثالث أن لا تبقى مساكنهم مبنية للمسلمين فهدموها شحاً عليهم {فاعتبروا ياأولي الأبصار} استدل الذين أثبوا القياس في الفقه بهذه الآية، واستدلالهم بها ضعيف خارج عن معناها.


{وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)}
{وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ الله عَلَيْهِمُ الجلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدنيا} الجلاء هو الخروج عن الوطن، فالمعنى لولا أن كتب الله على بني النضير خروجهم عن أوطانهم لعذبهم في الدنيا بالسيف كما فعل بإخوانهم بني قريظة، ولهم مع ذلك عذاب النار {شَآقُّواْ} ذكر في الأنفال.


{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}
{مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ} اللينة هي النخلة وقيل: هي الكريمة من النخل، وقيل: النخلة التي ليست بعجوة، وقيل: ألوان النخل المختلط، وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل على حصون بني النضير قطع المسلمون بعض نخلهم، وأحرقوه فقال بنو النضير: ما هذا إلا فساد يا محمد وأنت تنهى عن الفساد، فنزلت الآية مُعْلمة أن كل ما جرى من قطع أو إمساك فإن الله إذن للمسلمين في ذلك {وَلِيُخْزِيَ الفاسقين} يعني بني النضير، واستدل بعض الفقهاء بهذه الآية على أن كل مجتهد مصيب، فإن الله قد صوب فعل من قطع النخل ومن تركها، واختلف العلماء في قطع شجر المشركين وتخريب بلادهم؛ فأجازه الجمهور لهذه الآية، ولإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريق نخل بني النضير، وكرهه قوم لوصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه الجيش الذي وجهه إلى الشام أن لا يقطعوا شجراً مثمراً.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6